السبت، 8 يونيو 2013

أسس اختيار الزوجة




قال تعالى :
(وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (البقرة : 221) ، وقال  تعالى : (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) (التحريم : 5)  


 وقال تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ  وَالْمُسْلِمَاتِ  وَالْمُؤْمِنِينَ  وَالْمُؤْمِنَاتِ  وَالْقَانِتِينَ  وَالْقَانِتَاتِ  وَالصَّادِقِينَ  وَالصَّادِقَاتِ  وَالصَّابِرِين  وَالصَّابِرَاتِ  وَالْخَاشِعِينَ  وَالْخَاشِعَاتِ  وَالْمُتَصَدِّقِينَ  وَالْمُتَصَدِّقَاتِ  وَالصَّائِمِينَ  وَالصَّائِمَاتِ  وَالْحَافِظِينَ  فُرُوجَهُمْ  وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب : 35) .



ـ روى البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه  عن النبي  صلى الله عليه و سلم  قال : "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " .

ـ قوله: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: أي لأجل أربع.

ـ قوله : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا : الحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر أباءهم وقومهم وحسبوها ، وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة .

ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يُستحب له أن يتزوج نسيبه إلا أن تعارض نسيبه غير ديّنة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا في كل الصفات ، وأما قول بعض الشافعية : "يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة" فإن كان مستنداً إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب أن الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه .

ـ قوله : وَجَمَالِهَا : يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا أن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق .

ـ قوله : فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ ، في حديث جابر : "فعليك بذات الدين" والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبي  صلى الله عليه و سلم  بتحصيل صاحبة الدين الذى هو غاية البغية .

ـ قوله : تَرِبَتْ يَدَاكَ :  أي لصقتا بالتراب ، وهى كناية عن الفقر وهو خبر بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته وبهذا جزم صاحب العمدة زاد غيره أن صدور ذلك من النبي  صلى الله عليه و سلم  في حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه ، وحكى بن العربي أن معناه استغنت ورد بان المعروف اترب إذا استغنى وترب إذا افتقر ووجه بأن الغنى الناشئ عن المال تراب لأن جميع ما في الدنيا تراب ولا يخفى بعده وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه تقدير شرط أي وقع لك ذلك إن لم تفعل ورجحه بن العربي وقيل معنى افتقرت خابت  .

فأول الشروط وأهمها التي يجب أن تتوفر في الزوجة : الدين ،كما قال تعالى : (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) (البقرة : 221) ولقوله تعالى : (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ  ((النور : 26) ، وقوله تعالى  : (قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) (النساء: 35) ، فإنها إن كانت على دين رجوتَ منها الخير ، وأول مظاهر تدين المرأة "الصلاة" ، وهى الصلة بين العبد وربه ، فإن كانت على صلة  طيبة بينها وبين ربها رجوتَ منها أن تكون على صلة طيبة بينك وبينها ـ ولله المثل الأعلى ـ فمن فرطت في أمر ربها وحقه لا عيب عليها إن فرطت في أمر وحق زوجها !! ، ومن رضى أن تكون زوجته مفرطة في أمر ربها وفرضه فلا يلومن إلا نفسه إن هي فرطت في حقه ولم تحافظ على بيته .

ـ وإذا كانت الزوجة ذات دين فهي على خلق ، وهذا بديهي ، فالدين الإسلامي وهو دين الوسطية من يعتنقه يكون بين الإفراط والتفريط ، فلا هي مفرطة في تدينها ولا هي مفرطة في دينها ، وتراها وقد تخلقت بخلق القرآن الكريم ، من حجاب ومعاملات وحديث وغير هذا مما فرضه القرآن الكريم على المرأة .

- وقد رغَّب النبي صلى الله عليه و سلم   في الجمال فقال: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ"  ، وقوله  رغَّب النبي صلى الله عليه و سلم  وقد سئل: "أي النساء خير ؟ قال : "الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ"  ، والمرأة المتدينة الجميلة نور على نور ، وإن كانت ذات مال وحسب فقد جمعت من صفات الخير الكثير .

ـ ومن المطلوب أيضا  في الزوجة أن تكون ودوداً ولوداً ، كما قال صلى الله عليه و سلم  : " تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ"  .

ـ ومن المطلوب أيضا  في الزوجة أن تكون بكراً: تكون ذات عطف وحنان لقوله  صلى الله عليه و سلم   : "خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ"  .
أن تكون بكراً : لقوله  صلى الله عليه و سلم   لجابر  رضي الله عنه  : "أَلَا تَزَوَّجْتَهَا بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا وَتُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا"  .

ـ وصحَّ عن أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ وعن أبيها أنها قالت يوماً لرسول الله   صلى الله عليه و سلم   ـ وهى تشير إلى زواجه منها ، وهى البكر الطى لم يتزوج رسول الله  صلى الله عليه و سلم   غيرها بكراً ـ : "أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ   صلى الله عليه و سلم   لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا"  .

ـ أن تكون ممن تربى على مائدة القرآن والسنة ، لا ممن تربى على مائدة الشرق والغرب ، التى تجرى وتلهث خلف كل ما هو جديد فى عالم الموضة والأزياء والمناكير ، ودنيا "الكاسيت" والمطربين وتأخذ سنتها وقدوتها من المطربين والمطربات والراقصين والراقصات والممثلين والممثلات ، فالحذر أخى من الإقتران بفتاة لم تختمر بخمار ربها ، وقدمت عليه خمار أهل الفن والدعارة والمجون فعرَّاها ولم يسترها ، وجعلها سلعة معروضة لكل ذى عينين لينظرها ، وشفتين ليحدثها ويمازحها ويهاتفها ، ويدين فى الطريق والمواصلات يتحسسها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك  .

ـ ومن مواصفات الزوجة الصالحة أيضاً من :

- التى تحسن الإستماع إلى زوجها وتعينه على طاعة الله عز و جل  ، الرقيقة الطيبة الحانية الزاهدة الستيرة الراضية الرزينة الطاهرة العفيفة خفية الصوت الودودة الحليمة الرفيقة مَن ليست بالحنانة أو المنانة أو الأنانة أو النقارة أو البراقة أو الخداعة أو الكذابة أو الحداقة أو الشداقة  أو اللعوب أو المتفاكهة أو المتواكلة أو الكسولة أو المتهتكة أو العاهرة أو العصبية أو الخيالية أو العنيدة أو الساذجة ، ولا متمرضة ، ولا متشدقة ، ولا تفرط فى زينتها ، ولا مهملة لنفسها وجمالها .

- هذا ولا حرج فى عرض الرجل ابنته أو أخته على من يرى فيه الصلاح ، فقد عرض شعيب إبنته على موسى عليهما السلام كما أخبر تعالى عنه قوله   (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ) (القصص : 27) الآية .

وقد عرض الفاروق عمر  رضي الله عنه  ابنته حفصة للزواج بعدما مات زوجها ، كما روى البخارى وغيره عن عمر بن الخطاب وقد تأيمت ابنته  رضي الله عنه  يقول : "فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ، قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ، فَقَالَ : قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا ، قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه و سلم  فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه و سلم  قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه و سلم  وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا"  .

 -  ولا حرج أيضاً في عرض المرأة نفسها على من ترى فيه الزوج الصالح لها ،إذا أمنت الفتنة ، وكان الرجل صالحاً ورعاً ، كما كان من أم المؤمنين خديجة ـ رضى الله عنها ـ وعرضها نفسها على النبي  صلى الله عليه و سلم.
المصدر: تحفة العروس 

شارك الموضوع مع اصدقائك:

0 التعليقات:

إرسال تعليق